تقرير – محمود سعيد
نتيجة إصابته خلال أحد الاشتباكات في مدينة تعز جنوب غربي اليمن اضطر يعقوب الشمساني بعد ثلاثة أشهر فقط من زواجه لبيع ذهب زوجته وأمه حتى يتمكن من السفر إلى القاهرة
كان يعقوب الشمساني يدرس للحصول على شهادة في المحاسبة عندما اندلعت الحرب فأصبح مقاتلا موالٍ للحكومة بعدما حاصرت جماعة الحوثي مدينة تعز في أبريل/نيسان 2015.
وبعد أن أصيب برصاص قناص في الركبة في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي سعى يعقوب للحصول على علاج في مستشفى محلي.
ويقول إن الأمور لم تسر كما كان مخطط لها فاضطر يعقوب بعد ثلاثة أشهر فقط من زواجه لبيع ذهب زوجته وأمه حتى يتمكن من السفر إلى القاهرة.
ضحايا مدنيون
ويقول الناشط الاعلامي همدان الحقب معلقا على إصابته خلال تغطيته للمعارك في اليمن”شعرت بإصابة في وجهي وعند رؤية تدفق الدم اعتقدت بأنني سأموت في القريب العاجل في تلك اللحظة شعرت بمأساة الحرب ومأساة الضحايا بشكلٍ رهيب”.
وكان الحقب قد أصيب برصاص قناص خلال العام الماضي ويرقد في أحد مستشفيات مصر في انتظار من يموَل له عملية جراحية لانتزاع شظية في صدره وهو واحد من عشرات آلاف اليمنيين الناجين من الموت.
كان الحقب (32 عاماً) متواجداً في البلدة التي ينحدر منها بمنطقة الجبارة في مدينة دمت بمحافظة الضالع جنوبي البلاد عندما حاصر مسلحو جماعة الحوثي العام الماضي المنطقة التي يتواجد فيها وعلى الرغم من أن ذهابه إلى منطقة قرب المواجهات للتصوير والكتابة عن أحداثها إلا أنه اضطر في ذلك اليوم لحمل السلاح وسعى للاحتماء إلى جانب آخرين بإحدى التباب وبعد أن تراجع صوت الرصاص ذهب لإسعاف أحد زملائه لكن قناصاً أسقطه جريحاً برصاصة في الوجه.
وآخرون عسكريون
حال المصابين المدنيين في الحرب الدائرة باليمن منذ ما يقرب من خمس سنوات لا يختلف عن العسكريين ويقول صدام الكازمي جندي في القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً ملخصا إصابته خلال المعارك بـ “فقدت المستقبل” ويعاني قسوة جروح ناتجة عن إصابته بعدة رصاصات في الرأس والبطن وإحدى قدميه أثناء معارك عدن منتصف العام 2015 لكنه لم يتمكن من إكمال العلاج.
ويوضح الكازمي إن إصابة البطن تسببت بتقطيع الأمعاء والقولون حيث جرت إعادة ربطها بأحد مستشفيات أطباء بلا حدود بعدن قبل أن ينتقل لعلاجها في السودان ولكن حالته تدهورت مجدداً بعد عودته لتؤثر في شبكة عضلات البطن كما عالج رأسه في الهند بـ”عظم صناعي” ليضطر مرة ثالثة وبعد عام كامل من المعاناة للسفر إلى مصر لعلاج البطن حيث بقي لشهرين عن طريق تمويل الحكومة غير أنه أضطر للعودة قبل انتهاء العلاج بسبب توقف التمويل في حين أبلغه الأطباء أن إصابته المستعصية في قدمه تتطلب العلاج في ألمانيا وهو ما لم يتمكن من توفير تكاليفه.
الارقام في تزايد
لا تتوفر أرقام دقيقة عن الضحايا المدنيين والمقاتلين في الصراع الذي يشهده اليمن، لكن منظمة أطباء بلا حدود للإغاثة الطبية الإنسانية قالت إنها ساعدت في علاج 72,291 شخصا في جميع أنحاء البلاد، أصيبوا بسبب العنف خلال الفترة بين مارس/آذار 2015 وديسمبر/كانون الأول 2017.
وتصاعد الصراع بين جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها دوليا في مارس/آذار 2015 عندما شن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية حملة عسكرية تدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي كان قد فر من البلاد.
وقد ترك القتال نظام الرعاية الصحية في البلاد على شفا الانهيار إذ أن 45 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها ويمكن الوصول إليها وفقا لمنظمة الصحة العالمية ويعني الوضع القائم أن الآلاف من الجرحى ينتظرون العلاج أو تلقوا علاجا غير مكتمل.
ويعتبر الذين تمكنوا من السفر إلى الخارج – إلى مصر والهند والسودان وغيرها – محظوظين. وحتى بعيدا عن الحرب هناك تحديات وشكوك أخرى
ومن خلال استمرار وتيرة الصراع في اليمن يسقط خلال الاشتباكات يوميا عشرات الإصابات التي تظل تبحث عن العلاج المفقود في اليمن بسبب تدمير كثير من المستشفيات في مناطق الصراع وإنعدام الخدمات الطبية ومستلزماتها الأساسية في بقية المناطق.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.